«زواج على ورق طلاق»... هذه هي حال الزيجات الفنية، أو التي يكون أحد طرفيها فنانا أو فنانة، اذ أثبتت التجارب عبر عقود متتابعة، ان الزواج الفني محكوم عليه بالفشل... ولو بعد حين، الا نادرا.
ويبدو من خلال مطالعة تجارب وحالات متنوعة ومتعددة، ان الثراء والشهرة، لا يصنعان - غالبا - زواجا متوجا بالنجاح والاستقرار، بل ان الواقع يؤكد ان العكس هو الصحيح، اذ ان الزيجات الفنية، على الرغم مما يتوافر لها من أسباب، تبدو نظريا كفيلة بخلق حياة أسرية هادئة، تعانق الفشل، وتبدو في نهاية الأمر كانها «نزوات عابرة... ولكنها شرعية».
في هذه السلسلة، لن نغوص كثيرا في أسباب فشل زيجات الفنانات - تحديدا - لتنوعها وتعددها وتشابكها واختلاف الروايات في شأنها، ولكن نعرض جانبا من أشهر زيجات الفنانات، التي لاتزال تحتفظ بالرقم القياسي فيه الراقصة المصرية الراحلة تحية كاريوكا، وبفارق محدود، تليها نجوى فؤاد وسهير رمزي، وربما كانت الأرقام المعلنة والمعروفة اعلاميا، أقل بكثير من الأرقام الواقعية والحقيقية أو حتى غيرها، فيما أكثر ما يتردد عن زيجات سرية لفنانات من ساسة ورجال أعمال، ولكن لا أحد يلتزم بصحتها من عدمه... والحكاية طويلة.
بطلات تلك الحلقات، ناجحات ومحظوظات ومتألقات ومتوهجات فنيا، ومحلقات بقوة في سماوات الشهرة والنجومية، ولكنهن فشلن، أو كُتب عليهن الفشل أسريا، ففي الوقت الذي كانت الفنانة تصنع فيه نجاحا، كانت تحصل على لقب مطلقة، وتخسر بيتها، لتبحث عن تجربة أخرى فاشلة.
ورغم محاولاتهما إخفاء الخلافات والظهور أمام الناس والصحافة بأنهما عاشقان منسجمان، إلا أن الخلافات بدأت تظهر رويدا والأخبار تتناثر هنا وهناك.
كان أنور وجدي قد بلغ ذروة شهرته ونجوميته، وازداد رصيده من الجمهور والمال، فكان يود أن تهجر زوجته ليلى مراد الفن وتخصص وقتها للحياة الزوجية. فيما كانت ليلى مراد تعشق حياتها الفنية بعد النجاحات والشهرة، فرفضت الرضوخ لإرادته، لذا احتكم الزوجان إلى الفنان الكبير يوسف وهبي، فجاء حكمه مؤيدا للنجمة الكبيرة ليلى مراد.
في ذات يوم جاءها «أحمد سالم» ليعرض عليها بطولة فيلم «الماضي المجهول» وكان أنور وجدي يغلي صدره من الضيق، وبدأ يضع المعوقات أمامه بداية من الأجر الذي تتقاضاه ليلى مراد، وحتى قصة الفيلم ومصدر المال، ولكن « سالم » تجاوز كل المعوقات، وعندما حضر لإمضاء العقد ودفع العربون، فإذا بأنور وجدي يثور وينفعل، ثم ترك المنزل وذهب ليقيم مع والدته، ولم يرجع إلا بعد تدخل الأصدقاء.
هنا وقفت « ليلى مراد » مع نفسها متسائلة: هل «أنور وجدي» يغار عليها أم على العقود التي توقعها، إلى أن أيقنت أن زواجهما يسير في طريق مسدود حتى وصل الأمر إلى طلاقها بسبب أن المنزل «مافيهوش كمون»، ولكن عادا بعد فترة إلى بعضهما.
انفصال نهائي
تأكدت ليلى مراد أن أنور وجدي على علاقة بفتاة فرنسية تدعي «لوسيت» تعرف عليها أثناء رحلته إلى أوروبا، ودعاها إلى مصر واستأجر لها شقة، والأكثر من ذلك أنها عرفت عنوان الشقة فقررت الذهاب إليهما، وعندما صعدت ووقفت أمام الشقة وسمعت صوت أنور وجدي والفتاة الفرنسية لوسيت من الداخل أرادت أن تحدث فضيحة لكنها تراجعت، وقررت أن تنتظره في سيارته وظلت حتى الثالثة فجرا، وعندما رآها أنور وجدي وبصحبته عشقيته «بهت وصدم»، ولكن ليلى تعاملت مع الموقف ببرود أعصاب، وتحدثت مع لوسيت عن مدى استمتاعها بالإقامة في مصر، وعندما ذهبت إلى المنزل وبصحبتها زوجها، لم تقل له شيئا سوى «تصبح على خير» وقد أثرت الانفصال، وفي الصباح أسدل الستار على قصة زواج أنور وجدي وليلى مراد نهائيا، وتزوج أنور وجدي بعد ذلك من الفنانة الراحلة ليلى فوزي رغم علمها بمرضه الكلوي وعاشا معا حتى وفاته العام 1955.
زواج سري
صادفت ليلى مراد رجلا يميل إلى الصدق والوفاء وهو وجيه أباظة، وكانت خارجة من حياة عاصفة مع أنور وجدي، فأحبته بصدق، بعدما ساندها في أزماتها ووقف إلى جوارها... لكن أباظة كان من عائلة عريقة فيها الوزراء والسياسيون فكان زواجه منها سريا وكان يؤلمها غيابه المتكرر عنها، وكانت تخشى من السؤال عنه خيفة أن تعلم عائلته بهذا الزواج. ثم أنجبت منه أشرف لكنه لم يعترف بأبوته له إلا بعدما مرضت ليلى مراد وشارفت على الموت، حينها عادت إليها الحياة لتقوم بتربية ابنها البكر، الذي انتظرت قدومه طويلا إذ كانت أمومتها قوية جعلتها تغيب عن السينما والغناء والتفرغ إلى تربية أشرف، ثم انفصلا لإصراره على أن تعتزل الفن.
الزواج الثالث
في أواخر العام 1954 التقت ليلى مراد بالمخرج فطين عبدالوهاب، وكان فطين يخرج فيلما لشقيقها منير مراد، فوجدت فيه الرجل المناسب لحياتها الجديدة، إذ كانت تنشد الاستقرار وتكوين أسرة، وأحب فطين شخصيتها العذبة ولمس عذابها وآلامها في رحلة الفن الطويلة فأراد أن يرسم البسمة على شفاهها الحزينة.
لم يتم الزواج بسهولة لأن ليلى مراد كانت تتخوف نتيجة تجربتها المريرة مع أنور وجدي ثم وجيه أباظة وكان فطين فشل في زواجين سابقين، لكنها تزوجت منه واحتجبت إذ أنجبت ابنها زكي ثم حاولت إثبات وجودها مرة أخرى، وهذه المرة بعيدا عن أنور وجدي فانتجت فيلم «الحياة الحب» شاركها البطولة يحيى شاهين ومحمود المليجي، وحين نجح الفيلم أغرتها التجربة فانتجت فيلم «الحبيب المجهول» لكنه لم ينل النجاح الذي حققه الفيلم السابق، وهنا قررت تكريس حياتها لولديها أشرف وزكي ولزوجها فطين عبدالوهاب.